إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الجمعة، 21 يونيو 2013

الاثنين، 10 يونيو 2013

الأحد، 9 يونيو 2013

اين الهيئة الاعلامية التعديلية من حماية الطفولة ؟

الاعلام بين امينه والمنقبة

الاعلام بين امينه والمنقبة
محمد حمدان
استاذ بمعهد الصحافة وعلوم الاخبار
منشور في موقع باب نات
اندلعت منذ الاشهر الاولى للثورة التونسية قضية ما يسمى بالمنقبات  وركزت وسائل الاعلام على هذه القضية واصبح عميد كلية الاداب بمنوبة الذي تصدى لظاهرة المنقبات بالنجومية في وسائل الاعلام الوطنية والعالمية وتواصلت متابعة القضية اعلاميا  في مختلف مراحلها القضائية باهتمام بالغ . وفي المقابل برزت لنا في الاشهر الاخيرة ظاهرة الفتاة امينة كظاهرة فايسبوكية تطورت تدريجيا لتتناقلها وسائل الاعلام التقليدية و لتصبح من اهم المواضيع التي تتناولها وسائل الاعلام الاجنبية للحديث عن تونس وزاد في تعقيد القضية دخول متعريات اجنبيات في القضية لمساندة امينة الموقوفة والمحالة على القضاء واللاتي تعرضن هن ايضا للايقاف او للطرد من تونس وهذا ما اكسب القضية طابعا سياسيا وطنيا ودوليا ولكنه لكنه اكسبها ايضا طابعا اجتماعيا لتحديد مكانة المراة التونسية في مجتمع ما بعد الثورة  واكسبها بالنسبة لنا كاعلاميين  بعدا اعلاميا يتعلق بدور الاعلام في نحت مجتمعنا الديمقراطي الجديد ومن المفروض ان نحلله بكل برصانة ومن المفروض على الهيئة التعديلية للاعلام ان تناقشة وتبت فيه
البعد الاجتماعي
من الناحية الاجتماعية الصرفة تتميز المراة التونسية منذ استقلال تونس ومنذ صدور مجلة الاحوال الشخصية بنسبة متطورة من التحرر مقارنة بغيرها من النساء العربيات على المستوى القانوني على الاقل وظهرت قضية قمع المحجبات خلال حكم بن علي ولكن المراة التونسية تمكنت من تحقيق العديد من المكاسب دون ان تفرط في هويتها العربية الاسلامية ودون ان تنجرف للانبتات او الذوبان في المنظومة الغربية رغم الانفجار الاتصالي الذي افرزه البث المباشر للقنوات التلفزية ورغم اكتساح الانترنات لكل البيوت في العالم ليصبح ظاهرة كونية .وجاءت الثورة لتحدث اختلالا في التوازن الاجتماعي الذي كان قائما ولتطرح على بساط الدرس والجدل من جديد مسالة مكانة المراة في المجتمع  وقضية علاقة المراة بجسدها ومفهوم الحياء العام والاخلاق الحميدة في المجتمع . وجاءت قضية المنقبات  لتطرح من جديد هذه القضية من زاوية دينية كرد فعل ازاء الانحلال الذي تعتبر المنقبات ان تونس انساقت اليه في عهد بورقيبه وبن علي  وللتعبير عن عودتهن الى القيم الاسلامية الاصيلة ولتاكيد تحررهن من خلال التاكيد على انهن لسن مجرد جسد للمتعة ووضع النقاب يمثل صيحة لتجاوز المنظور السائد للمراة كجسد. وفي المقابل ظهرت امينة لتؤكد ان جسدها ملك لها وليس من حق احد ان يتحكم فيه وهي حرة في تعريته ورغم التناقض الظاهر في الموقفين فانهما يعبران عن رغبة مشتركة في اعادة النظر في مكانة المراة وعن تخوف مشترك من مستقبل المراة وتبقى المنقبات والمتعريات  مع ذلك ظاهرة هامشية لاتستحق الجل الكبير القائم حولهما.
التوظيف السياسي
ولا شك ان التيارات الساسية الاصولية والحداثية ركبت على الحدثين لتوظيفهما سياسيا فاظهرت  حركة النهضة تسامحا مع ظاهرة المنقبات وابدت وزارة التعليم العالي ترددا في حسم القضية على مستوى الجامعة في حين استغلت المعارضة الحداثية القضية لتاليب الراي العام ضد النهضة ولاثارة التخوفات حول تراجع محتمل بخصوص مكاسب المراة. وعندما اندلعت قضية امينة استغلتها الاطراف الدينية الاصولية لتقديمها كنموذج للتفسخ الاخلاقي الذي يريد الحداثيون جرف  المجتمع اليه  وبقي هؤلاء الحداثيون في وضع محرج بين التاكيد على حق امينة في التعبير عن ارائها وفي التحكم في جسدها من ناحية والخشية  من اتهامهم بالالحاد والخروج عن القيم العربية الاسلامية للمجتمع من ناحية اخرى  , وتجاوز التوظيف السياسي البعد الوطني ليكتسب طابعا دوليا تتصارع من خلاله التيارات الاصولية القادمة علينا من الخليج والمشرق من ناحية والتيارات الليبرالية الحقوقية الوافدة علينا من الغرب من ناحية ثانية . واصبحت قضية امينة مصدرا للمساندة الغربية ضمن شبكة فيمن الدولية المعروفة  وذهب البعض الى حد اتهام اطراف خفية بتمويل المنقبات  وامينة لاثارة مثل هذه القضايا
الدور الاعلامي
والملفت للانتباه ان الاعلام الوطني  التقليدي  افرز حيزا هاما من اهتماماته لقضية المنقبات في حين بقيت قضية امينة محل اهتمام للشبكات الاجتماعية وللفايسبوك تحديدا .وفي حين بقيت قضية المنقبات مبنية للمجهول تم تشخيص قضية امينة لتصبح ظاهرة فردية .وكان تناول قضية امينة محتشما من قبل الاعلام المهني مقارنة بالمكانة التي اعطاها لمسالة المنقبات ومقارنة بالصدارة التي احتلتها امينة ومسانداتها في الاعلام الغربي المكتوب والسمعي البصري . وبعيدا عن التوظيف التجاري للقضيتين من قبل وسائل الاعلام لكسب المزيد من الجمهور ومن الاعلانات من خلال اعتمادها الاثارة, لم يقع طرح القضيتين اعلاميا بما يكفي من الرصانة  والعمق للتحكم فيهما ولانارة الراي العام. ونحن لا نعرف ان كان للاعلام دور في الانتشار التدريجي لظاهرة المنقبات داخل المجتمع كما لا نعرف ان كانت امينة ستكون نموذجا لغيرها من التونسيات بعد التغطية الاعلامية الدولية الواسعة لقضيتها. ومن المفروض ان تنكب الهيئة التعديلية للاعلام لتحليل الظاهرتين ومناقشتهما لوضع استراتيخية وطنية للاعلام تتحدد الصورة التي يتعين لوسائل الاعلام  التونسية الالتزام بها بخصوص مكانة المراة ومستقبلها في المجتمع .

اين الهيئة الاعلامية التعديلية من حماية الطفولة ؟

اين الهيئة الاعلامية التعديلية من حماية الطفولة ؟
محمد حمدان
استاذ بمعهد الصحافة وعلوم الاخبار
طلعت علينا قناة التونسية مؤخرا في برنامج عندي ما نقلك بحوار بين طليقين يتشاجران بخصوص اثبات نسب ابن لهما للفراش . وانطلاقا من مقدمة مطولة للمنشط ابرز فيها حرفيته فاجأ المنشط الزوجة بان التحليل الجيني الذي تم القيام به يثبت ان الوليد ليس الابن البيولوجي للزوج . وبقطع النظر عن الطابع المثير والدرامي للخصام بين الطليقين  فهذا  يعني ان هذا الوليد الذي اصبح اليوم شابا اصبح معروفا لدى القاصي والداني بانه لقيط بما ان امه وطليقها ظهرا في الشاشة الصغيرة امام ملايين المشاهدين لينتهيا الى المس من حرمة حياته الخاصة . وليست هذه هي المرة الاولى التي يتورط فيه البرنامج وغيره من برامج تلفزيون الواقع في مثل هذه القضايا التي يندلع فيها خصام بين كهلين ويتسبب في النيل من سمعة احد الاطفال وفي التاثير على كامل مستقبله .
وبالنظر الى مهام الهيئات الاعلامية التعديلية في الدول الديمقراطية وعلى راسها المجلس الاعلى السمعي البصري الفرنسي نلاحظ ان حماية الطفولة تمثل احدى اهم مشمولاتها اذ تحرص على حماية الاطفال من مضار الاشهار وعلى تنبيه المشاهدين مسبقا حول السن الدنيا لمشاهدة بعض البرنامج اذا كان فيها عنف خطير او مشاهد اباحية تمس من التنشئة الطبيعية للاطفال .كما تحرص مثل هذه الهيئات على مراقبة البرامج الاجتماعية المشابهة للبرنامج المذكور حتى لا تنزلق في معالجتها لمشاكل الكبار في المس من مصالح الصغار . وتزداد اهمية هذه الوظيفة التعديلية لحماية الاطفال  خطورة في بلادنا وهي تعيش مرحلة انتقال ديمقراطي يتميز بانفلات الامن وبانتشار العنف وبترويج مشاهد عنيفة مرعبة تمس من التكوين النفسي الطبيعي للاطفال وبتحرير مشاهدة البرامج الاباحية عبر الانترنات , وبقطع النظر عن هذا الطابع السياسي الانتقالي فان المرسوم 115 الخاص بحرية  الصحافة الجديد جعل من انتهاك حقوق الطفل مبررا رئيسيا للعقاب بالسجن في جرائم الصحافة .
واذا كانت الهيئة التعديلية للاتصال السمعي البصري حديثة النشأة في تونس ولم تستكمل بعد ارساء هياكلها التنظيمية والمادية واذا كانت مواقفها من تعريفات البث الاذاعي مهمة ضمن مشمولاتها فان هذه الهيئة مدعوة اليوم بصفة اكثر الحاحا للنظر في معالجة قضايا  هامة سيكون لها تاثير خطير على صيرورة المجتمع التونسي وعلى راسها قضية حماية الطفولة في وسائل الاعلام . وارتباطا بهذه القضية الحساسة فان صورة المرأة في وسائل الاعلام تستوجب هي ايضا عناية خاصة باعتبار المرأة مواطنا تونسيا كامل الحقوق قبل كل شئ  وباعتبارها ايضا اما تسهر في مجتمعنا على تربية اطفالنا ورعايتهم . ولا يجب ان تلهينا المهام السياسية للهيئة مهما كانت اهميتها عن وظائفها التعديلية الخاصة بالمساهمة في نحت مجتمع ديمقراطي سليم يكون فيه للطفل الحق في التنشئة السليمة والمتوازنة

الثلاثاء، 4 يونيو 2013

Une merveilleuse façon d'enseignement - Tunisie presse | Tunisie presse

Education aux médias et à l'information | Thot Cursus

Enseignement.be - Education aux médias: ressources

Bienvenue sur Journalisme.com - Journalisme.com

Jeunes et Médias | Wix.com

Tunisie: L’éducation aux médias pour poursuivre le printemps arabe

L’éducation aux médias dans les programmes - Le Clemi - Le CLEMI

Décrypter : Education aux médias et à l'image - francetv éducation

éducation aux médias

Education aux médias - Acrimed | Action Critique Médias

Trouvez des leçons et ressources | HabiloMédias

HabiloMédias

Accueil du portail - Éduscol

Des sites pour éduquer à l'Internet

الثلاثاء، 28 مايو 2013

Conférence : La Télévision publique : les garanties pour assurer l’Indépendance et la neutralité : Tunisie : BUSINESS : Conférences Tuniscope

Turess : « La vie d'Adèle », film controversé ou controverse filmée ?!

تورس : الدورة الاولى لايام الشريط الصحي التربوي تحت شعار' الادمان : الاسباب والنتائج والحلول '

الاثنين، 27 مايو 2013

‫نسمة صباح: نشاط الجمعية التونسية للتربية على وسائل الإعلام‬‎ - YouTube

AMARC/STRL : Présentation du rapport sur les médias de proximité en Tunisie | e-Joussour.net

Deux émissions de radio sur "Les échos de Tunis" - Ritimo

La Presse de Tunisie - les-tic-pour-une-meilleure-education | 49222 | 11022013

Tunisie : association au service de la démocratie

الثلاثاء، 21 مايو 2013

‫الشبكات الإجتماعية سلاح الحرب المعلوماتية!‬‎ - YouTube

Journal Le temps -Controverse - Le sondage, une arme à double tranchant

Journal Le temps -Controverse - Le sondage, une arme à double tranchant

 : أحداث الشعانبي والقيروان وحي التضامن - هل كان تعاطي الإعلام حرفيا ام ساهم في تضخيم المسألة..؟

الخميس، 16 مايو 2013

الأربعاء، 15 مايو 2013

حظوظ انشاء مجلس للصحافة

ما هي حظوظ انشاء مجلس للصحافة المكتوبة في تونس؟
محمد حمدان
استاذ قانون الاعلام بمعهد الصحافة وعلوم الاخبار
مقال منشور في موقع باب نات
بعد انشاء الهيئه العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري بموجب المرسوم 116 وتشكيل تركيبتها  شرعت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين في النظر في تاسيس مجلس للصحافة استجابة لتوصيات هيئة اصلاح الاعلام وعقدت اول جلسة عامة لها للنظر في امكانيات بعث هذه الهيئة في  اطار سياسة ترمي الى ضمان استقلالية الصحافة وحماية اخلاقياتها .  وتزامنا مع نضالات النقابة لتفعيل المرسوم 116 اتجه المجلس التاسيسي لاختيار صيغ تعديلية اخرى  يتم ادراجها في الدستور وتقوم على احداث هيئة عليا مستقلة للاعلام تتولى الوظيفة التعديلية بالنسبة للا علام السمعي البصري  وكذلك بالنسبة للصحافة المكتوبة وللصحافة الالكترونية  وبذلك يكون توجه النقابة متعارضا مع التوجه الذي اتخذه المجلس التاسيسي. فما هي الحظوظ الفعلية لانشاء مجلس للصحافة المكتوية في تونس وهل يمثل انشاء هذا المجلس الحل الامثل لضمان استقلالية الصحافة وتلافي التجاوزات الاعلامية التي نعاينها حاليا ؟
لاريب ان مجالس الصحافة متواجدة بصيغ متعددة في العديد من الدول الديمقراطية ونجحت في حماية اخلاقيات الصحافة بدرجات متباينه في هذه الدول ولكن لا يمكن الحديث عن معايير دولية موحدة لاقامة مثل هذه المجالس ولا يمكن لتونس الا ان تستنبط  نموذجها المتناسب مع تحولها الديمقراطي بالطبع والمتناسب بالخصوص مع واقعها الاعلامي وهذا الواقع مختلف تماما عما هو عليه في الدول الغربية  فالصحافة الغربية نشات في ظل المبادرات التجارية الخاصة اما في تونس فاهم المؤسسات الصحافية المكتوبة التي تشغل اكبر نسبة من الصحفيين تعود ملكيتها للدولة مثل مؤسسة دار لابراس ودار الصباح , والمشاكل التي اندلعت في دار الصباح منذ اشهر لا يمكن لمجلس الصحافة ان يحلها لو كان موجودا  لان قضية الصحافة المكتوبة كانت ولا تزال  بصفة رئيسية قضية استقلالية عن السلطة الحاكمة  ولا يمكن لمجلس الصحافة ان يتدخل لتعيين رئيس لمؤسسة صحافة  في الغرب لان مثل هذه المؤسسات تعود ملكيتها  كما سبق ذكره للقطاع الخاص.
  ولا يمكن كذلك ضمان احترام اخلاقيات المهنة الصحفية بدون تشريك فعلي لاصحاب المؤسسات الصحفية  اي بمبادرة منفردة للصحفيين ولمن يمثلهم. فنقابة الصحافيين لها ميثاق اخلاقيات بقي وسيبقى مجرد  مرجع فكري اكثر من كونه وثيقة ملزمة. وخرق اخلاقيات الصحافة يتاتى من اصحاب المؤسسات الاعلامية اكثر مما يصدر عن الصحفيين انفسهم  نتيجة للمصالح التي يدافع عنها اصحاب المؤسسات واعتبارا لكون الصحفيين  اجراء   لدى هؤلاء الاعراف . ولا تبدو النقابات الممثلة للاعراف  الاعلاميين مشاركة لحد الان في هذا  الحوار الخاص ببعث مجلس صحافة ولم تبد رغبتها بصفة واضحة في بعث مثل هذا المجلس لذلك يبدو حاليا ان بعث مجلس للصحافة المكتوبة يمثل مطلبا للصحفيين اكثر مما هو مطلب للاعراف ولن يكون فاعلا وناجعا ما لم يكن هذا المجلس مطلبا مشتركا للصحفيين والاعراف على السواء , كما ان المجلس لن تكون قراراته التعديلية الزامية ما لم يمنحه المشرع والدولة هذه الصلاحيات الالزامية في المراقبة وعقاب المخالفين اذا لزم الامر والواضح ان المعركة التي خاضها الصحفيون لتفعيل المرسوم 116 ايسر بكثير من معركتهم لارساء هيئتهم التعديلية الذاتية  والسيناريو الاكثر واقعية واحتمالا للانجاز سيكون بالضرورة مشروع المجلس التاسيسي الذي لن لن يكتفي بتعديل الاعلام السمعي البصري بل سيضمن تعديلا لمختلف وسائل الاعلام .

قراءةفي قانون الصحافة الجديد



القانون الجديد للصحافة رفع القيود عن الصحافة ولكنه لم يساهم في نمو صحافة جديدة
محمد حمدان
أستاذ تعليم عالي
صدرقبل اسابيع قليلة من انتخاب المجلس  التاسيسي المرسوم عدد 115 المؤرخ في 2 نوفمبر 2011 المتعلق  بحرية الصحافة والطباعة والنشر وهو المرسوم الذي يلغي ويعوض مجلة الصحافة  التي لازمتنا وقننت قطاع الصحافة منذ 28 اقريل1975 ,ويعتبر النص الجديد حدثا هاما في تاريخ الصحافة التونسية جاء في مرحلة انتقالية ثورية بعد صدور مرسوم هام يتعلق بحرية النفا ذ الى الوثائق الدارية  للهياكل العمومية  بتاريخ 26 ماي 2011 كما جاء متزامنا مع المرسوم عدد 116 المؤرخ في هو أيضا في 2  نوفمبر 2011 والمتعلق بحرية الاتصال السمعي والبصري وباحداث هيئة عليا مستقلة للاتصال السمعي والبصري.
ولتقييم النص القانوني الجديد لحرية الصحافة في قراءة اولية لابد من العودة الى مجلة الصحافة القديمة للتعرف على الانتقادات الموجهة ضدها وحتى نتمكن من ابراز ايجابيات النص الجديد ومن طرح بعض الاشكاليات التي يثيرها خصوصا وان الحكومة الانتقالية الحالية تتزعمها حركة سياسية لم تساهم في وضع المرسوم
مآخذ مجلة الصحافة الحالية
قبل تقييم  المرسوم المقترح لا بد من التذكير بالآليات لاتي كانت معتمدة لتقييد حرية الصحافة منذ سنة 1975, وأولى هذه الآليات تمثلت في الحفاظ على التناقض  بين المظهر التحرري للمجلة والممارسات الفعلية المقيدة لحرية الصحافة
ويبرز هذا التناقض بالخصوص من خلال الاعلام  ووصل الاعلام المعمول بهما عند اصدار الصحف وهذا الاجراء يبدو تحرريا في ظاهره ولكنه تحول باجراء الوصل الى اجراء وقائي يسمح للسلط العمومية بمنح الوصل لمن تراه منسجما مع خياراتها السياسية
كما يبرز التناقض من التحرر في القانون  والتشدد في منشور أصدره الوزير الاول وأجبر فيه كل الهياكل العمومية بنشر اعلاناتها عبر الوكالة التونسية للاتصال الخارجي مما جعل هذه الوكالة تتحكم في حرية الصحافة من خلال تحكمها في الاشهار العمومي وتوزيعه حسب درجة ولاء الصحف للسلطة
أما المظهر الثالث لتقييد حرية الصحافة فيتمثل في السلطات الهامة الموكولة للسلطة الادارية ولوزارة الداخلية بالتحديد في  حجز الصحف وفي منع ترويج الصحف الأجنبية بدون حاجة الى تبرير قراراتها
كما يتمثل في الحماية المفرطة للسلط العمومية  من النقد الصحفي خصوصا في القسم الجزائي بحيث تحمي المجلة رئيس الدولة بصفة خاصة الى جانب الهيئات الدبلوماسية والحكومية الأجنبية فضلا عن أعضاء الحكومة ومختلف الهيئات العمومية الادارية منها والعسكرية والبرلمانية والقضائية وغيرها
ويتجسم الطابع الزجري للمجلة من خلال العقوبات البدنية والمالية  المتعددة التي تفرضها مما جعل أصحاب الصحف يفرضون رقابة ذاتية على الصحفيين  ومما قلص من عدد القضايا المعروضة على العدالة
مميزات وايجابيات المرسوم الجديد

وجاء المرسوم الجديد بعديد الآليات لضمان أكبر هامش من الحرية الصحفية  وتتمثل ميزته الاولى في تحويل صلاحيات وصل الاعلام  المتعلق باصار الصحف من وزارة الداخالية الى القضاء والى المحاكم الابتدائية التي اصبحت تتولى الاشراف على اجراء الاعلام وفي صورة عدم تسليم المحكمة الابتدائية للوصل ينص المشرع  على الاكتفاء برسالة مضمونة الوصول لاتمام اجراء الاعلام
كما يتميز المرسوم الجديد  بالتقليص الكبير من جرائم الصحافة التي كانت تعرقل العمل الصحفي فتم حذف جريمة النيل من كرامة رئيس الدولة  وجريمة النيل من كرامة رؤساء الدول والحكومات والبعثات الدبلوماسية الاجنبية وجرائم اخرى  تتعلق بالمس ببالهيئات العمومية  وبالتوازي مع هذا  تم  تقليص العقوبات البدنية في مجال الصحافة وتعويضها غالبا بعقوبات مالية
و يتميزالمرسوم كذلك  بتقليص صلاحيات السلط الادارية  وخصوصا منها وزارة الداخلية التي لم يعد لها حق حجز الصحف وتميزكذلك بتقليص الحماية  والامتيازات التي كانت تحظى بها الهيئات العمومية التونسية والأجنبية سواء تعلق الأمر بحق الاستدراك الذي تم حذفه  من المرسوم او تعلق  بحماية السلط العسكرية او المدنية
ويتسم المرسوم الجديد بضمان حقوق أوفر للصحفيين في الشغل من خلال الترفيع في عدد الصحفيين الواجب انتدابهم في الصحف اليومية والأسبوعية او من خلال ضمان حقوقهم في الحفاظ على السر المهني أو في الوصول الى مصادر الخبر او من خلال تحييد الادارة في عملية اسناد بطاقة الصحفي المحترف وتكليف قاض من المحكمة الادارية لرئاسة لجنة اسناد البطاقة عوضا عن المدير العام للاعلام,
ولكن مختلف هذه النقاط الايجابية لا تمنع من لفت الانتباه الى جملة من الهنات والنقائص يتعين تلافيها لضمان حرية فعلية للاعلام بعيدا عن القيود التي يمكن أن تسلطها أية سلطة سياسية قادمة مهما كان اتجاهها  وتتعلق هذه النقائص بطبيعة النص القانونية  وبنظام المؤسسات الصحفية وبنظام المهنة الصحفية وبالجنح المرتكبة بواسطة الصحافة

الطبيعة القانونية للنص

يطرح المرسوم الجديد للوهلة الاولى ملاحظات اولية حول طبيعته القانونية فهو نص تم اقراره في مرحلة ثورية انتقالية في اطار تنظيم مؤقت للسلط العمومية وساهمت في وضعه الهيئة الوطنية المستقلة لاصلاح الاعلام والاتصال التي تولى تعيين رئيسها الوزير الاول محمد الغنوشي في بداية الثورة والتي تم تنظيمها بموجب المؤرخ في 2 مارس 2011  كما ساهمت في صياغة النص لجنة مختصة في صلب الهيئة العليا لتحقيق اهداف الثورة بالتشاور مع الاطراف المهنية المعنية وهذه الهيئة معينة هي ايضا ولا تكتسب شرعية السلط التشريعية العادية المنتخبة من قبل الشعب وقد ناقشت الهيئة العليا المشروع في ظروف خاصة متأزمة وأحالته على الحكومة المؤقتة الدراسة ثم تمت احالته لرئيس الدولة المؤقت لاقراره كمرسوم يستوجب بالضرورة احالته لاحقا على السلط التشريعيةالشرعية المنتظرة بعد وضع الدستور من قبل المجلس التأسيسي وبذلك يكتمل النص صبغته التشريعية ولا غرابة في أن يطرح المرسوم للنقاش من جديد وأن تنقح بعض فصوله
وعلى مستوى بناء نص المرسوم فانه لم لم يخرخ في هيكله عن البناء التقليدي للنص السابق المستوحى هو ايضا من مجلة الصحافة الفرنسية من حيث تبويبه ومضامينه وعموما فان القانون الفرنسي اقتصر على تنظيم مؤسسات الصحافة المكتوبة في حين ان المرسوم الجديد اهتم في أحد أقسامه بالصحافة المكتوبة مهملا للوسائل الاعلامية الاخرى واهتم المرسوم في الأقسام الأخرى بالمهنة الصحفية وبجرائم  الصحافة وهي أحكام تهم كل وسائل الاعلام وكان بالامكان تحويل مجلة الصحافة الى مجلة شاملة  للاتصال تضبط المبادئ الكبرى لتنظيم مختلف وسائل الاعلام بما فيها السمعي والبصري والالكتروني وكان بالامكان تخليص النص من بعض الاحكام التي لم تعد هناك ضرورة لادراجها في نص المجلة الجديدة مثل الاحكام المتعلقة بالاشهارالتي تحتاج الى نص قانوني مستقل ومتكامل والاحكام الخاصة   بالتعليق في الطريق العام التي تجد مكانها بالخصوص ضمن التراتيب البلدية ولا حاجة لاثقال النص بمثل هذه الاحكام



تقييم النظام الجديد للمؤسسات الصحفية



بالنسبة لنظام المؤسسات الصحفية نلاحظ ان المرسوم الجديد راجع شروط ملكية وادارة الصحف  تولى الاسناد القانوني لادارة الصحف الى أحد الأعضاء المساهمين في تمويل بدون ان يكون بالضرورة الممول الرئيسي للصحيفة مثلما كان الشأن في مجلة الصحافة السابقة وهذا ما قد يفتح المجال الى تهرب الممول الرئيسي من المسؤولية ويشجع على  اعارة الاسم الى مديرين صوريين لا يتحكمون فعليا في توجه الصحيفة
وتضمن المشروع كذلك أحكاما تتعلق بالحد من تجميع الصحف وبالشفافية المالية في تسييرها مثلما جاء به تنقيح سنة 1988 ولكن هذا التنقيح بقي حبرا على ورق اذ لم تلتزم الصحف بنشر كمية سحبها ولا بموازينها المالية واكتفى المشروع بتكليف مجلس المنافسة بهذه المسألة الى جانب مهامه العديدة الاخرى وكان من الأنسب احداث هيئة مختصة لمراقبة السحب مثلما هو الشأن في فرنسا
ويبقى صمت المشروع مريبا بخصوص وضعية الصحافة الاجنبية اذ أصبحت متساوية مع الصحف الوطنية بل ان المرسوم سمح للأجانب بتدخل أقوى في المجال الصحفي من خلال الامكانية المتاحة لهم في دعم الصحف وتوجيهها بواسطة الاشهار أو تنظيم الندوات أو تكوين الصحفيين وفي الوقت الذي تم فيه تحجير التمويل الاجنبي للاحزاب السياسية  وللحملات الانتخابية فان هذا الفصل يتناقض مع التوجهات العامة للمشرع,
واذا ما نجح المشرع في تخليص الصحافة من قيود السلطة السياسية خصوصا في قسمه الجزائي فان المرسوم لم يتحكم بالقدر الكافي من تخليصها من التبعية لراس المال ولا أدل على ذلك من هذا العدد الكبير من الصحف التي اصبحت تظهر أو تختفي دون ان نعرف بالتحديد من يقف وراءها ومن يوجه مضمونها

تقييم نظام المهنة الصحفية

بالنسبة للمهنة الصحفية لاحظنا من خلال اصلاحات مجلة الصحافة سابقا أنها بقيت دون جدوى كبيرة وان الحد الأدنى المفروض لتشغيل الصحفيين لم يقع العمل به فعليا ولاريب ان الحد الادنى المطلوب من الصحفيين المحترفين في كل مؤسسة اعلامية (20صحفيا بالنسبة للصحف اليومية وستة صحفيين بالسبة للصحف الاسبوعية) يبقى هدفا صعب المنال بالمقارنة مع الوضع الحالي وبالخصوص وان ها العدد يمثل نصف الصحفيين والمتعاملين مع المؤسسة وحتى نضمن التطبيق الفعلي لهذه الاحكام  يبدو  من الأجدى الرجوع  الى ما ورد في مجلة الشغل  من ربط بين نسبة تشغيل الصحفيين من ناحية  وموارد  الاشهار العمومي  التي توفرها الدولة للصحف واقتناء الادارات للاشتراكات من هذه الصحف من ناحية ثانية
واذا كان المشروع مجددا في الزام الصحف باحداث خطة مدير تحرير لاكساب الصحف مزيدا من المهنية فاننا نلاحظ اختفاء هذا المدير على مستوى المسؤولية الجنائية مما يجعل الصحفي يشترك مع مدير النشرية في تحمل مسؤولية الكتابة الصحفية  دون ان يكون مدير التحرير معنيا وهذ ا ما يقلص دوره

ولم يتعرض المشروع من ناحية أخرى الى مآل الأحكام الخاصة بالصحفيين والواردة بمجلة الشغل ولم يتعرض الى ما جاء في هذه المجلة من أحكام تتعلق ببند الضمير وهي تسمح للصحفي بالاستقالة من عمله مع المحافظة على حقه في التعويض اذا ما حدث تغيير جذري في اتجاه الجريدة وهذا ما قد يصبح واردا  في المستقبل

تقييم  أحكام الجنح الصحفية
لا ريب ان القسم المخصص للجنح المرتكبة بواسطة الصحافة سيكون الاكثر اثارة للجدل في صلب الهيئة التشريعية المقبلة التي ستتولى تحويل المرسوم الى قانون خصوصا وان السلط السياسية المنتخبة تقلصت مكانتها بصفة جذرية وبالرغم من الايجابيات التي سبق ذكرها بخصوص هذا القسم فانه سيلاقي بالتأكيد معارضة قوية من قبل التيارات الاسلامية اذ  أن الفصل 51 من مشروع المرسوم نص على العقاب  بالسجن لكل تحريض  (على التمييز واستعمال الوسائل العدائية او العنف او نشر أفكار قائمة على الميز العنصري أو التطرف الديني أو على النعرات الجهوية أو القبلية) . وهذا الفصل قد يوحي بما أقره الرئيس السابق من تنقيحات لمجلة الصحافة بهدف قمع الحركة الاسلامية وقد يكون  ها ما أدى الى الغاء الفصل في الصيغة النهائية للمرسوم
وفي نفس السياق يعاقب بخطية بموجب الفصل 53 (كل من يستعمل بيوت العبادة...للقيام بالدعاية  الحزبية أو السياسية ). ولا ريب أن صياغة هذه الأحكام  تتطلب مراجعة  لتكون أثر دقة ولكي  لا تعتبر موجهة ضد طرف سياسي محدد ومن الأفضل ادراج الأحكام الخاصة ببيوت العبادة  في نص قانوني  آخر نظرا لعدم ارتباطه المباشر بالصحافة.
ويبدو أن أهم جريمة كانت مصدرا للجدل وللتحوير التدريجي في مجلة الصحافة سابقا تتمثل في الثلب  وقد أقر المرسوم هذه الجرية دون أن يسند اي حماية خاصة للسلط العمومية ومع الاكتفاء  بالعقوبة المالية بشأنها مما يفسح المجال واسعا للحرية ويقلص من الرقابة الذاتية التي كانت مفروضة على الصحفي ولكن هذا النص تجوز في تقديري الخاص الحدود المعقولة لحماية الصحفي لينال من  حقوق المواطن  فهذا النص يعاقب كل من ينسب الى  الاشخاص شيئا غير صحيح ينال من شرفهم واعتبارهم وهو أمر طبيعي ولكن النص يشترط  (أن يترتب عن ذلك ضرر شخصي ومباشر للشخص المستهدف) أي النيل من الشرف غير كاف لتجريم الفعل ويتعين على الشخص الستهدف اثبات الضرر اللاحق  له
وعلى المستوى الاجرائي فان المشروع أهل بعض الجمعيات من اقامة الدعوى بخصوص بعض جرائم الصحافة وهذا مزيدا من الحماية للمتضررين ولكنه قد يفتح المجال في المقابل للتجاوزات والخلافات ويوسع من دائرة المتقاضين
وبالرغم من هذه الملاحظات فان هذا القسم المتعلق بالجنح يمثل أهم مكسب في  المرسوم اذ أنه يساهم بقسط كبير في الحد من العقوبات وفي فتح مجالات أرحب لحرية الصحافة .ولكن تغييب بعض الجنح من من المرسوم قد تدفع التقاضين الى الى اللجوء في شكاويهم الى أحكام الحق العام وهي أحكام قد تكون أشد وطأة من أحكام مجلة الصحافة مثلما هو الشأن بالنسبة لاحكام المجلة العسكرية وبعض  الاحكام الاخرى الواردة في المجلة الجنائية.
ألخاتمة
ان بناء هذا النص يبدو رغم ايجابياته غير مكتمل والحرية التي يوفرها قد تبدو هشة ما لم يتعزز بآليات مالية ومادية لدعم الدولة للصحافة والصحفيين  ولضمان تعددية فكرية فعلية ولضمان حق المواطن في الاعلام  كما أن حرية الصحفي تعتبر مكسبا  ولكنها غير كافية لضمان استقلاليته اذا بقيت وضعيته المادية هشة وغير مستقرة ومن المهم اثراء نص المرسوم بأحكام تجسم مساعدة الدولة للاعلام وبذلك يتحول المرسوم فعليا الى مجلة لحرية الصحافة.
واذا ما تأملنا في المشهد الاعلامي التونسي بعد الثورة يمكننا أن نعاين التعددية الفعلية التي أصبحت تثري هذا المشهد ويمكننا أن نتلمس النسبة الكبيرة من الحرية في الكتابات الصحفية ولكننا نلاحظ في المقابل مدى هشاشة وضعية الصحف التي أينعت بعد الثورة وحجم الصعوبات التي تواجهها من أجل البقاء ومواصلة الصدور.واضافة الى حرمان هذه الصحف من الاعلانات العمومية التي بقيت حكرا على الصحف القديمة تواجه الصحف الجديدة صعوبات في توزيعها وفي التزود بالورق وفي توفير تجهيزات متطورة لانتاجها وهذا ما جعل البعض منها ينقطع عن الصدور وأخرى تسعى لانشاء نقابة تدافع عن مصالحها وغيرها توجه نداءات الاستغاثة من أجل انقاذها ,لذلك يتعين مواصلة مسيرة الاصلاح التشريعي من أجل تكريس حرية الصحافة وتأمين بقاء وازدهار الصحف الجديدة حتى لا تضطر للالتجاء الى التمويلات المشبوهة والى الاستنجاد بالاجانب مع ما تفرضه هذه السلوكيات من تبعية في شكل جديد. وتتمثل هذه المسيرة الاصلاحية في مراجعة تنظيم قطاع الاشهار وتأمين منافسة قعلية في توزيع الصحف واقرار ضوابط واضحة وعادلة في توزيع الاعلانات العمومية بين الصحف ووضع آليات جبائية تحفيزية  للتخفيف من أعباء اقتناء الورق وآليات أخرى لتمكين الصحف الجديدة من تجهيزات عصرية ومن وسائل نقل للصحف وللصحفيين  ومن شأن كل هذه المنظومة التشريعية أن لا تفرغ حرية الصحافة من محتواها وأن تؤمن في النهاية حق المواطن في الاعلام

حرية الاعلام ام الحق في الاعلام


النضال من اجل حرية الصحافة ام من اجل حق المواطن في الاعلام؟
محمد حمدان
استاذ قانون الاعلام بمعهد الصحافة وعلوم الاخبار

كانت الصحافة قبل 14 جانفي 2011 أداة في خدمة السلطة السياسية جندتها رسميا لخدمة الوحدة الوطنية ولخدمة التنمية ولكنها وظفتها فعليا في خدمة النظام الحاكم وللدفاع عن مصالحه وكانت الصحفي انطلاقا من هذا المنظور يقوم بوظيفة اعطاء الشرعية لهذه السلطة السياسية وهو بالتالي يخضع لمراقبة مسبقة متشددة للالتزام بهذه الوظيفة, وتحولت النظرة للصحافة بعد الثورة لتصبح سلطة رابعة تقوم على منظومة ديمقراطية اساسها تفريق السلط وتلعب فيها الصحافة دور الرقيب على بقية السلط السياسية ودر المنبه لتجاوزتهاها ودور المعبر عن الراي العام والمدافع عن حقوق المواطن , وبالرغم من  دفاع القوى الحاكمة بعد الثورة عن مبدأ حرية الصحافة عندما كانت مضطهدة من قبل بن علي فان وصولها للحكم جعلها تراجع نظرتها لحرية الصحافة والصحافيين وهي تسعى لتطويق هذه الحرية حتى لا تهدد مصالحها السياسية في البقاء في الحكم ومن الطبيعي ان تحدث المواجهة بين الاعلاميين والسياسيين لتكريس حرية الاعلام بصفة لا رجعة فيها وما النضالات االتي تقودها نقابه الصحافيين اليوم الا تعبير عن رفض الاعلاميين للنظام الاعلامي السابق وتمسكهم بالتصور الجديد لوظيفتهم في ظل المنظومة الديمقراطية الجديدة وما المساعي الحالية لتهديد الصحفيين وترهيبهم ومقاضاتهم الا تعبير عن مرحلة انتقالية تنبئ بانخرام التوازن القائم في الماضي بين السياسيين والاعلاميين وتبشر بنظام يقوم على توازن جديد  وتوزيع جديد للادوار بينهما ومهما كانت السلطة التي ستحكم البلاد في المستقبل فان الصحافة لن تكون بالنسبة اليها الا سلطة مضادة ونستطيع ان نقول اليوم ان حرية الصحافة اصبحت مكسبا يخضع بالضرورة للتهديدات ويتطلب يقظة متواصلة للمحافظة عليه وتطويره ولكنه اصبح بالتاكيد مكسبا لا رجعة فيه.
واذا ما تخلص الاعلام من التبعية ازاء السلطة السياسية فانه لم يحقق بالضرورة استقلاليته الفعلية واذا ما نجح الاعلاميون في التخلص من كابوس بن علي ونظامه فان الصحافة اصبحت اليوم مهددة اليوم بالتبعية لراس المال فالاعلام هو بالاساس صناعة اصبحت تتطلب تكنولوجيات متطورة وتمويلات  ضخمة والايمان بمجموعة من القيم والافكار لا يكفي لاصدار جريدة او انشاء محطة تلفزية او استخلاص حقوق البث الضخمة عبر الاقمار الصناعية وحتى الذين تشجعوا من الاعلاميين لاصدار صحفهم كان نصيبهم في الغالب الفشل ولن يستفيد بالتالي من هذه الحرية الا من توفرت لهم الامكانيات الضخمة لضمان الاستمرارية لوسائل اعلامهم سواء كانوا رجال اعمال او احزابا سياسية ولن يستفيد من الحرية في النهاية الا القوي وتصبح الحرية لا معنى لها اذا كانت مقترنة بالخصاصة وضيق ذات اليد
لذلك فان رفع شعار حرية الصحافة لم يعد كافيا وفعالا  لتامين الوظيفة الجديدة للاعلام في مجتمع ديمقراطي بل ان المطلب الرئيسي الواجب رفعه اليوم يتمثل في الدفاع عن حق المواطن في الاعلام ,وتامين هذا الحق لا يمكن ان يتم بدون النظر الى الاعلام كمنتوج اقتصادي وبدون تدخل الدولة لمساعدة مختلف الحساسيات الفكرية والتيارات السياسية والاجيال الجديدة من الاعلامين لمساعدتهم على بعث وسائل اعلاميه تكون قادرة ماديا على البقاء والاستمرارية ,واذا ما توفق المرسوم 115 الخاص بحرية الصحافة في تخليص الاعلام من التبعية السياسية فلم يتضمن هذا النص اي اجراءات عملية لتحفيز المبادرات الاعلامية الجديدة ولم يصدر حتى الان اي نص قانوني لتنظيم توزيع موارد الاشهار العمومي كما لم يصدر اي نص قانوني يتضمن  اية  حوافز لاعلام ما بعد الثورة  ولم تتخذ اي اجراءات للتقليص من كلفة البث من قبل ديوان الارسال الاذاعي والتلفزي لفائدة الباعثين الجدد من الاذاعيين وبقيت اغلب وسائل الاعلام بالتالي تحت سيطرة القوى التي كانت تتحكم في الاعلام في الماضي  ولا يمكن للمواطن الوصول الى المعلومة الا عبر هذه الوسائل الاعلامية  لذلك فان المرحلة المقبلة للنضالات الاعلامية يجب تتركز على الدفاع عن حق المواطن في الاعلام وعما يتطلبه هذا الحق من تدخل الدولة للمساعدة على بناء منظومة اعلامية جديدة منسجمة مع اهداف الثورة.

حرية الاعلام في تونس

حرية الاعلام في تونس
المكاسب –الخلافات- الانتظارات
محمد حمدان
استاذ قانون الاعلام بمعهد الصحافة وعلوم الاخبار
يمثل اصلاح  المنظومة الاعلامية  مجالا  لا يقل اهمية  عن اصلاح الهياكل الدستورية الاخرى للدولة ليكون الاعلام سلطة رابعة تساهم في بناء الديمقراطية , وتمثل حرية الاعلام  مكسبا من مكاسب الثورة التي تضمن للصحفي حقه في  الوصول الى المعلومة  وفي تبليغها وفي التعبير عن رايه  وهي في النهاية تضمن للمواطن  حقه في الاعلام  وفي المشاركة في الشأن العام  بكل دراية.ويمثل التنظيم القانوني للاعلام اطارا ضروريا لضمان هذه الحقوق  ولرفع القيود التي كانت تكبله . ولتأسيس نظام قانوني جديد لهذا القطاع
المكاسب ومواقع الجدل
وجاءت الثورة لتعيد للقانون مكانته ولحرية التعبير دورها الرئيسي في ارساء الديمقراطية, وبالرغم من الطابع الانتقالي والوقتي للحكومة فقد تم الغاء قيود اصدار الصحف منذ بداية الثورة وتم الترخيص لعديد الاذاعات والتلفزات بالبث دون انتظار نص قانوني جديد. ثم تم اصدار مرسومين في  2نوفمبر 2011 لتنظيم القطاع فجاء المرسوم عدد 115 لينظم بالخصوص الصحافة المكتوبة والمرسوم عدد116 لينظم الاعلام السمعي البصري, ويقوم النصان اساسا على ما جاء في المواثيق الدولية من مبادئ حرية الوصول الى المعلومة وحرية النشر وحرية التعبير عن الرأي وحق المواطن في الاعلام. وقد تم ادراج هذه المبائ في النصين المذكورين
وبالنسبة لتنظيم الاعلام السمعي البصري فقد نص المرسوم عدد 116  على احداث هيئة عليا مستقلة للاعلام والاتصال السمعي البصري وهي سلطة تعديلية مستقلة عن  السلط السياسية والادارية تتولى اسناد الرخص لاحداث المؤسسات  السمعية البصرية الخاصة وتشرف على مراقبة المضامين  الاعلامية  والاشراف على الاعلام السمعي البصري العمومي خصوصا خلال الحملات الانتخابية .وتتجسم استقلالية هذه الهيئة من خلال تركيبتها التعدية وتمثيليتها لمختلف الاطراف المعنية بالقطاع وتفرغ اعضائها الكلي لهذه المهمة وتحديد مدة عضويتهم للهيئة.
وبالرغم من هذه الجوانب الايجابية للنظام القانوني الاعلامي السمعي البصري الجديد فان  
المرسوم 116  بثير حاليا جدلا بين هيئة  اصلاح الاعلام والحكومة  وأثار انتقادات أكبر على عدة مستويات
-          فخلافا لعنوانه يقتصر المرسوم على إحداث هيئة عليا مستقلة للإعلام والاتصال السمعي البصري و لا يتعلق بتنظيم هذا الإعلام.  فالمرسوم ينظم الهيئة التعديلية و لكنه يتجاهل قطاع الإعلام السمعي البصري العمومي و تنظيمه. و بذلك لا تعتمد الهيئة كسلطة ادارية على نص قانوني ينظم القطاع و تتولى تنفيذه (مثلما كان الشأن بالنسبة للهيئة المستقلة لمراقبة الانتخابات ومثلما هو الشأن في فرنسا أو في بلد قريب منا هو المغرب ). وباعتبارها سلطة ادارية فان وظيفتها تتمثل في تنفيذ قوانين سابقة لها حتى تتميز قرارتها بالشرعية
- وعلى ضوء الصلاحيات الموكولة للهيئة بموجب المرسوم  116فانها لا تتناسب مع التمشي الديمقراطي   للبلاد . ويكرس المرسوم  تجميعا مفرطا للسلط لصالح الهيئة مما يجعل منها سلطة تشريعية و تنفيذية و قضائية في نفس الوقت. وفي الوقت الذي تعمل فيه الثورة على الفصل بين السلط   لتفادي الاحادية والتسلط فان الهيئة لاتبدو منسجمة في الصلاحيات الموكوله لها مع هذا التمشي الديمقراطي الجديد . وصلاحياتها تبدو  واسعة في مجال وضع كراس شروط للقطاع الخاص و في تنظيم الإشهار و في تنظيم عمليات قيس المشاهدة و الاستماع و في تنظيم الحملات الانتخابية عبر وسائل الإعلام السمعي البصري .و الهيئة كسلطة تنفيذية تتمتع بصلاحيات واسعة في مراقبة المؤسسات و البرامج السمعية البصرية .وهي تتولى كسلطة قضائية تتبع المخالفات و تسليط عديد العقوبات من تعطيل إنتاج أو بث البرامج إلى السحب الوقتي أو النهائي لرخص الاستغلال و من الحكم بخطايا مشددة على المخالفين إلى حجز المعدات و التجهيزات السمعية البصرية.
- وعلى المستوى التنظيمي، تبدو الهيئة العليا أداة للتعديل الذاتي أكثر مما هي هيئة تعديلية اي انها تمثل بالاساس الاطراف المهنية المعنية  اكثر مما تمثل الاطراف الاخرى والمتعددة المعنية  بالقطاع السمعي البصري. فضمن التسعة أعضاء الذين تتركب منهم، هناك ستة أعضاء تعينهم هيئات مهنية بما في ذلك القضاة .و يعين رئيس الدولة رئيس الهيئة في حين أن صلاحيات رئيس الدولة لاتزال محل نظر في الدستور الجديد. و تتولى السلطة التشريعية تعيين ممثلين لها. ولا ريب أن هناك أطرافا هامة لم  يقع تمثيلها في الهيئة و خصوصا منها مكونات المجتمع المدني االمجندة لخدمة الثقافة والتربية والمدافعة عن حقوق  المشاهد و المستمع

الاشكاليات العالقة
على ضوء ما تقدم يبدو أن المرسومين 115 و 116 يمثلان نقلة هامة في الإتجاه الديمقراطي و في رفع القيود و العقوبات و هما يحتاجان إلى التفعيل و إلى التعديل لكسب المزيد من النجاعة في تنظيم قطاع الإعلام و لكن الثورة أفرزت ممارسات إعلامية تتجاوز الإطار القانوني و تتعداه وما أنجز من اصلاح تشريعي لا يمثل الا جزءا بسيطا مما يجب انجازه
- فالصحف الكثيرة التي برزت للوجود لا تزال مهددة في وجودها لأنها لم تجد الإطار القانوني و التشجيعات المناسبة ولان الوسائل الاعلامية القديمة لا تزال مهيمنة على السوق ولان قطاع توزيع الصحف لا زال يخضع للاحتكار ولا زال يمثل عائقا كبيرا لرواج الصحف الجديدة. لذلك يتعين التفكير في وضع آليات قانونية لفك كل اصناف الاحتكارات القائمة في المجالات الاعلامية . ويتعين بالخصوص وضع اليات لدعم المؤسسات الاعلامية الجديدة حتى يتوفرلها تمثيل مختلف التيارات السياسية والفكرية وحتى يتمكن الصحفيون المحترفون من بعث صحف تخضع للمعايير الصحفية اكثر مما تخضع للاعتبارات السياسية وللاغراض التجارية. واذا ما نجح المشرع في رفع القيود الزجرية والوقائية المكبلة للاعلام فان التحدي  الاكبر يتمثل اليوم في  التقليص من العراقيل المالية التي تحول دون نمو صحافة جديدة تواكب الثورة وتلبي حق المواطن في الاعلام بكل حرية
- والى جانب الحوافز والمساعدات المالية والاعفاءات الجبائية التي يمكن اقرارها  لفائدة  المؤسسات الاعلامية عند اقتناء تجهيزاتها المكلفة وموادها الاولية المستوردة وعند تشغيلها للصحفيين الشبان  فمن المهم والمتأكد اقرار نظام شفاف لتوزيع الاشهار العمومي بين وسائل الاعلام  لان الصحف القديمة هي المستفيدة حتى الان من موارد  الاشهار مثلما هي مستفيدة من الاشتراكات الادارية في  اقتناء الصحف للموظفين . وقد سبق لمجلة الشغل ان ربطت  بين توزيع الاشهار العمومي وتشغيلية المؤسسة الاعلامية للصحفيين ويبدو هذا المعيار مهما يمكن ادراجه الى جانب معايير موضوعية اخرى لتقسيم المداخيل المتأتية عن الاشهار العمومي بكل موضوعية بين الصحف,
- ويطرح الاشهار في القنوات الاذاعية والتلفزية اشكاليات اكبر لانه  يتميز حتى الان بالفوضى التي تمس من حقوق المشاهد ومن مصالح المنتج التونسي ومن حظوظ الوسائل السمعية البصرية الخاصة الجديدة في اكتساح سوق الاعلان . لذلك يتأكد تنظيم حقوق وواجبات مختلف الاطراف المعنية بهذا الاشهار بما في ذلك المعلنون ومكاتب الدراسات المختصة في تحديد نسب الاستماع والمشاهدة
ويطرح الاعلام العمومي اشكاليات لم يقع حسمها قانونيا حتى الان بالنسبة للمؤسسات الاذاعية والتلفزية وبالنسبة لوكالة تونس افريقيا للانباء وكلك بالنسبة للصحافة المكتوبة العمومية. وترتبط هذه الاشكاليات بالخصوص بتحديد اليات تعيين رؤساء هذه المؤسسات وبطرق تنظيم وتسيير ورئاسة المصالح التحريرية فيها .وقد اثارت هذه القضايا جدلا وصل الى حد المشادات احيانا بين اصحاب المهنة والحكومة لتحديد مفهوم الاتصال العمومي وواجباته ولتمييزه عن الاعلام الحكومي الذي كان سائدا في الماضي ولتحديد مكانة وصلاحيات كل طرف في علاقتها بالمؤسسات الاعلامية العمومية, وتبدو تجارب مختلف الدول الديمقراطية متعددة ومتباينة في مجال التعامل مع الاعلام العمومي ولكنها هذه التجارب يمكن ان تفيدنا في الاهتداء الى النموذج الانسب لادارة المؤسسات الاعلامية العمومية
-ويمثل الاتصال العمومي مجالا يحتاج هو ايضا الى مراجعة قانونية لتمكين الادارة واجهزة الولة من التواصل الناجع مع الصحفيين ومع المواطن واثبتت التجارب الحالية لمكاتب العلاقات مع المواطن وللوكالة التونسية للاتصال الخارجي تحريفا لمهامها الاصلية وقصورا عن اداء وظائفها الاتصالية  للك يتعين مراجعة مختلف التشريعات التي تكبل انسياب المعلومة وتسمح بحضور ناجع للادارة في مختلف الحوارات الاعلامية لتمكين المواطن من المعلومة الادارية الصحيحة ولتواكب الاارة الطبيعة الديمقراطية للنظام الجديد
- ويبقى الإعلام الإلكتروني  اهم واخطر قطاع اعلامي يستوجب التنظيم على المستوى الوطني وعلى المستوى الدولي, واذا كانت الطبيعة العالمية لهذه الوسيلة الاعلامية الجديدة تأبى القيود فان الاعلام الالكتروني يحتاج إلى عناية خاصة نظرا للمكانة الهامة التي أصبح يحتلها في المشهد الإعلامي و للانفلاتات و التجاذبات التي يعيشها . لذلك يتعين التفكير في احداث اليات قانونية لتشجيع الاعلام الالكتروني الوطني الجاد ولتنمية صحافة مواطنة بناءة تخدم المجتمع .كما يبدو من المهم احداث اليات لتشجيع المجتمع المدني على القيام بوظيفة تعديلية في هذا القطاع لضمان اخلاقيات العمل  الاعلامي ولضمان تربية الناشئة على تعامل واع وناقد للاعلام
        و كل هذه القضايا تحتاج إلى حوار وطني واسع حتى تكون الخيارات مدروسة و واضحة و تأخذ بعين الإعتيار و مصالح مختلف الأطراف.

الاعلام والقضايا الجنسية

الاعلام والقضايا الجنسية : أية خلفيات وأية ابعاد
محمد حمدان
استاذ بمعهد الصحافة وعلوم الاخبار
تضاعف في الاونة الاخيرة  اهتمام وسائل الاعلام بالقضايا الجنسية . فمنذ اندلاع الثورة  اصبح  الجنس  محل اهتمام الاعلام  اذ طرحت منذ بداية الثورة قضية تحرير بث الافلام الجنسية  عبر الانترنات  ثم اندلعت بعد ذلك  عدة قضايا لها علاقة بالجنس منها بالخصوص قضية ما يعرف بالشراتون غايت  وقضية اغتصاب بعض  رجال امن لاحدى الفتيات  الى جانب ما تطرحه بعض البرامج التلفزية الاجتماعية  من قضايا لها علاقة بالجنس . ولكن المدة الاخيرة تميزت بتفاقم الاهتمام  بالقضايا الجنسية وبقضايا الاغتصاب بالتحديد فطفت على السطح الاعلامي قضية اغتصاب امرأة حامل في العاصمة وقضايا مماثلة  داخل البلاد  وطرحت قضية اغتصاب طفلة في احدى رياض الاطفال  وتم اخيرا تناول قضية اغتصاب أب لابنته مند صغرها   هذا الى جانب  قضية تعرية فتاة تنتمي لمنظمة فيمن الدولية لصدرها  ولتكتسي هذه القضية بعدا دوليا  والى جانب الاطناب في تحليل ظاهرة الاقبال على الفياغرا, وقد اثارت مختلف هذه القضايا الرأي العام واصبحت محل جدل بين الاوساط الاعلامية  ولدي مختلف الاطراف الاجتماعية الاخري , واذا ما كانت مثل هذه القضايا متواجدة في المجتمع منذ القدم  فان اثارتها في هذه الفترة بالذات تكتسي عدة ابعاد يجدر تحليلها وفهم خلفياتها
الابعاد الاعلامية
وتكتسي هذه الظاهرة  بعدا اعلاميا قبل كل شئ فاثارة مثل هذه القضايا تدخل في اطار حرية التعبير التي افرزتها الثورة والتي اخرجت الجنس من باب المحظورات الاعلامية  وقد تعرض مدير جريدة التونسية  منذ اشهر للايقاف بتهمة المس من الاخلاق الحميدة لنشره لصورة فيها جانب من الاباحية , لكن خروج المجتمع المدني لمساندته بهذه المناسبة وضع حدا للتتبعات القضائية وفتح المجال  لحرية اكبر في التعرض للشان الجنسي . كما ان غياب سلطة تعديلية تضع ضوابط محددة للمعالجة الاعلامية للمسائل الجنسية ساهم هو ايضا  في ما قد يعتبره البعض مسا من قيم المجتمع  ومن  معتقداته  واخلاقه . ويذهب البعض الى اعتبار التناول الاعلامي  لمثل هذه المسائل تشريعا وتضخيما للفساد الاخلاقي كما يتهم البعض الاخر وسائل الاعلام   باستغلال الجنس كعنصر للاثارة الاعلامية لكسب نسب اكبر للمشاهدة والاستماع والمطالعة ولكسب المزيد من المداخيل الاشهارية, وفي غياب ضوابط قانونية  واخلاقيات مهنية  واضحة يمكن للاعلام ان يزيغ عن وظائفه الاعلامية  لينال من حرمة الحياة الخاصة  وليؤدي الى استغلال طفلة بريئة تعرضت للاغتصاب ليتم اغتصابها من جديد من قبل الاعلام بعرضها كفرجة وكسلعة اعلامية قبلة للتسويق
الابعاد السياسية
والى جانب هذه الابعاد الاعلامية الخطيرة فان اثارة مل هذه القضايا  الجنسية عبر وسائل الاعلام تكتسي ابعادا سياسية اخطر اذ ان اثارة مثل هذه القضايا  تصبح اداة للصراع السياسي  وقد لاحظنا ما اثارته قضية اغتصاب بعض رجال الامن لاحدى الفتيات  من نقد لاذع للسلطة .كما تابعنا الحملة  الاعلامية التي اثارتها تصريحات بعض الاسلاميين بخصوص ختان البنات, واثارت قضية اغتصاب الطفلة في روضة الاطفال جدلا حول تطبيق حكم الاعدام على الجاني في هذه الحالة . كما يعتبر البعض ان تعرية عديد الفتيات لصدورهن  يدخل في باب رد الفعل والمواجهة السياسية والحضارية  للاسلاميين , وقد  تم التوظيف السياسي لهذه القضايا من قبل الصحافة الغربية والتركيز عليها لابراز المظاهر السلبية لحكم الاسلاميين بل ان بعض الصحف الفرنسية  القريبة من اسرائيل ذهبت الى توظيف مثل هذه القضايا للمس من الاسلام  ولاعتباره دين اضطهاد وعبودية بالنسبة للمراة
وفي الطرف المقابل هناك من يعتبر ان مثل هذه القضايا اندلعت بالخصوص منذ التحوير الوزاري الاخير بتوجيه مباشر او غير مباشر من قبل الترويكا الحاكمة لتلهية الراي العام عن القضايا الاساسية المطروحة على المجتمع وللتخفيف من حدة الانتقادات التي كانت توجه للسلطة الحاكمة  .
والى جانب هذه الابعاد الاعلامية والسياسية فان الطرح الاعلامي لقضايا الجنس تدعو علماء الاجتماع وعلماء التربية الى مزيد الاهتمام بهذه القضايا للنظر في خلفياتها واسبابها وكيفية معالجتها ولتوجيه الاعلاميين حتى لا تتحول مثل هذه القضايا الى مجرد وسيلة للاثارة ولجلب الاشهار وليصبح الاعلام في خدمة التربية الجنسية للمجتمع